س: منذ شهرين فقط تعرفت على هذه المجلة(1) فقدأعطتني إياها صديقتي لأن أختها تكتب بها فأعجبني باب الأسرة وتأثرت ببعض المواضيعوفي الوقت نفسه تأثرت بعض المعلماتبالمدرسة فصار الـتأثير مضاعفاً..
أعاني من مشكلة لا أعرف كيفأتخلص منها، إنني فتاة بالصف الثاني الثانوي، مجتهدة في دروسي، جدية في اهتماماتي،شخصيتي قوية وجريئة، قبل عام اتصل ببيتنا شاب وتكرر اتصاله فحصل بيننا تعارفواستمر لليوم، والحمد لله لم أتبادل معه كلام الحب وإنما كنت أكلمه كأي واحدة منصديقاتي نتناقش ونذكر الأخبار الفنية ـ مثلا ـ ونعلق عليها، كتبت له بعض الرسائلوأرسلتها عبر (الفاكس) وهي رسائل عادية ولا يوجد بها كلام عاطفي وقد تركتها دونتوقيع فهي لم تحمل اسمي ولم أرسل له أية صورة مع أنه كرر طلب ذلك، وخلال هذينالشهرين تأثرت وتضايقت من هذه العلاقة ولكن لا أعرف كيف أتخلص منها فأنا معروف عنيعند أهلي أنني جدية ولا همَّ لي سوى الدراسة ولا أظن أن لديهم أدنى شك بوجود علاقةخاصة لي مع شاب وأنا محتارة الآن أحياناً أفكر وأقول أرسل له رسالة نصح فلعلهيهتدي.. وأحيانا أفكر أن أخبر أمي ولكن أخاف من العواقب .. وأحياناً أقول أريد أنأصارحه .. وأحياناً .. إنني محتارة وأجد أن هذه المشكلة تسبب لي التقاعس كلما أردتأن أقوم لأصلي الليل أو أصوم التطوع أو أعمل أي عمل صالح فأتذكر هذه الخطيئة أنتكسوأعود .. أرشدوني و بأسرع وقت وسأطبق ما تقولون.
ج: لقد قرأت رسالتك مرات وكرات .. وبقدر ماأفرحتني فقد أحزنتني ، وبعظم ما سرتني فقد آلمتني، أما فرحي وسروري فلإحساسكبمرارة الخطيئة، وشعورك بالضيق من هذه المعصية، ولتأثرك بالصالحات من المعلمات أوصويحباتك الطالبات.. ولكن كدر هذه الفرحة تلك الحيرة وذلك التردد الذي منعك منالإقلاع عن الحديث مع هذا الغادر، وغفلتك عن مراقبة من لا يزال يسترك ويحلم عليكوهو عليك قادر ـ سبحانه ـ .
يا ابنة الإسلام .. أنت ـ واللهـ أعز و أشرف من أن تتحدثي إلى فاسق ، أذكى وأرفع من أن تسترسلي في الكلام مع ذئبغادر همه أن يسلبك أعز ما تملكين، ويتركك في العار المهين .. ألم يكن لك في غيركعبرة؟! .. فكم من فتاة سقطت في أوحال المعاكسات، واستهانت بهذه المحرماتفانكشف أمرها، وفضح الله ـ عز وجل ـ سرها، فأصبحت تتوارى من الناس من سوء ما تلطختبه، وتخبئ وجهها من قبح ما وقعت فيه..
أيتها الأخت: إن لهؤلاء الذئابخدعاً كثيرة، وطرقاً خبيثة في إيقاع فرائسهم في الرذيلة .. فأول الأمر تعارف وكلامـ كما تقولين ـ عن الأفلام.. وغداً يتظاهر بالحب والغرام .. ثم يكون اللقاء الذيتحمل الفتاة ـ بعده ـ عاره وتتلظى بناره وشناره والعياذ بالله .. فالأمر أخطر مماتتصورين، وعاقبة هذه المعاكسات أعظم مما تتوقعين.. ولذا يجب عليك التوبة النصوحوالإقلاع عن هذه الخطيئة فوراً ، والعزم على المضي في طريق الاستقامة والهدايةصدقاً وجداً ، ولكي تثبت على طريق الاستقامة قدمك عليك بصحبة الصالحات وتوثيقالصلة بهن، ثم شغل الوقت بالعمل الصالح كقراءة الكتب النافعة والاطلاع على المجلاتالإسلامية والاستماع للمحاضرات الإيمانية ، وأخيراً فإني أؤكد على أمرين مهمين.
أماالأمر الأول: فأوصيك بعدم الرد على الهاتف ابتداء ـ لا سيما ـ في الأشهر القادمة،وليكن الرد بواسطة محارمك أو أمك إو إحدى أخواتك.
والأمرالثاني: هو أن تلتزمي الآداب الشرعية في حديث المرأة مع الرجال غير المحارم والتيمن أهمها:
1- أن يكون الكلام لحاجة وضرورة.
2- أن يكون الكلام بقدر هذهالحاجة.
3- أن يكون الكلام فصلاً خالياً منالتميع والخضوع والخنا كما قال تعالى ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي فيقلبه مرض وقلن قولاً معروفاً) الأحزاب،الآية: 32. ولك في فتاتي مدين قدوة حسنة حيث خاطبتإحداهما موسى عليه السلام قائلة: ( إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ماسقيت لنا) القصص ،الآية: 25. فنلاحظ أنها عندما تكلمت أسندت الكلام إلىأبيها. (إن أبي يدعوك) فكأنها أرادت أن تؤكد لنبي الله موسى عليه السلام أن حديثهاإليه كان تنفيذاً لأمر أبيها لها بتبليغ رسالته إلى موسى فمهمتها إذن التبليغ ليس إلا.. أما كلامها معهفلم يتجاوز الثماني كلمات صيغت صياغة محكمة خالية من فضول الكلام ولغوه المفضي إلىالتبذل وإثارة الفتنة؛ لكنه ـ في الوقت نفسه ـ كلام واضح جلي تضمن الدعوة وسببهالتزول الريبة التي قد تخالط قلب المخاطًََب وهو يسمعها تقول: ( إن أبي يدعوك) ..فقالت: ( ليجزيك أجر ما سقيت لنا) ألا ما أشد حياءها واستقامة سلوكها وقوة شخصيتهاو ما أحراك ـ أيتها الأخت ـ أن تقتدي بها .. أسأل الله أن يحفظك ويقيك شر نفسكوالشيطان.